خريطة الكنز

 

خريطة الكنز

لا يخفي على الناس أن مصر تمتلك العديد من الآثار، ولكن من سلطت عليها الضوء هم قليلون جدا بنسبة لما تمتلكه مصر؛ لذلك خريطتنا ستصطحبنا نحو كنز من كنوز تلك المغارة.

خريطتنا أشارت أن وجهتنا ستكون نحو متحف جاير أندرسون، كما يعرف المتحف أيضا باسم بيت الكريتلية. قد يظن المسافر معنا أنها خارج مصر، ولكن الحقيقة غير ذلك تماما. فإنه يقع بميدان أحمد بن طولون في حي السيدة زينب، حيث يتكون المتحف من بيتين هما بيت محمد بن الحاج سالم وبيت السيدة آمنة بنت سالم وتم الربط بينهما بممر (قنطرة)، ويعد هذان البيتان من الآثار الإسلامية النادرة والثمينة وتنتمي إلى العصر المملوكي والعثماني.

والسؤال الذي يطرح في بال الركاب الآن: ما قصة أصحاب تلك البيوت؟ وما علاقة جاير اندرسون بهم؟

القصة تقول أن: البيت الأول من إنشاء المعلم عبد القادر الحداد سنة 1540م (947 هجري)، وهو المعروف باسم بيت آمنة بنت سالم، حيث نسب إليها البيت بسبب إنها آخر من امتلكته.

أما البيت الثاني بناه أحد أعيان القاهرة وهو محمد بن الحاج سالك بن جلمام سنة 1631م، وتعاقبت الأسر الثرية على سكنة حتى سكنته سيدة من جزيرة كريت؛ فعرف منذ ذلك الحين ببيت الكريتلية.

 وحانت الإجابة على علاقة جاير أندرسون بتلك البيوت.

وقد ساءت حالة البيتين على مر السنين وكاد أن يتم هدمهما أثناء مشروع التوسع حول جامع أحمد ابن طولون في ثلاثينيات القرن الماضي (1930-1935م)؛ فسارعت لجنة حفظ الأثار العربية بترميم وإصلاح البيتين ليصبحا من أبدع الأمثلة القائمة على طراز العمارة في العصر العثماني. في عام 1935م تقدم الميجور جاير أندرسون -الذي كان من الضباط الإنجليز في مصر، وأحد الاشخاص الذي كان يعتبر مصر وطنه الثاني- بطلب الي لجنة حفظ الآثار العربية بأن يسكن في البيتين، وأن يقوم بتأثيثهما على الطراز الإسلامي العربي، ويعرض فيهما مجموعته الأثرية من مقتنيات أثرية إسلامية وحتى فرعونية وآسيوية، على أن يصبح هذا الأثاث ومجموعته من الآثار ملكاً للشعب المصري بعد وفاته أو حين يغادر مصر نهائياً؛ فوافقت اللجنة. وبالفعل لم يدخر جهداً في تنظيم البيتين، ولم يبخل بإنفاق المال على شراء الأثاث من أسواق العاديات في مصر وغيرها من القطع الفنية التي تنتمي للعصور الإسلامية: منها صناعات عربية، ومن الصين، وفارس، والقوقاز، ومن آسيا الصغرى والشرق الأقصى، وهذا علاوة على بعض التحف من أوروبا. وما إن توفي أندرسون حتى نفذت الوصية بالفعل، وآل البيتين وما فيهما إلى مصلحة الآثار العربية التي جعلت منها متحفاً باسم جاير أندرسون.

خريطتنا اليوم أخذتنا في جولة اقل ما يقال إنها روعة ومدهشة، وعلمتنا درسا هاما. علمتنا أن يكون كل منا خريطة نفسه توجهه لاكتشاف ما حوله، وألا ينتظر مساعدة من أحد، فقط يبدأ من نفسه، وقد يجد العون في الطريق. الاكتشاف هنا المقصود به ليس فقط مقصور بالبحث عن عجائب المحروسة، إنما هو أشمل من ذلك أن تكتشف موهبة فيك أو ميزة موجودة بك لتغير العالم من حولك للأفضل، والاكتشافات عديدة لا حصر لها. فهيا أبدأ من الآن، ولا تسوف، ولكن احرص على ألا يكون ضارا!!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال